محمد السراري
القصّة عِشق ، وهذا هو العشق الذي لا أخشى أن أفَاخر بِه أمام الملأ ، عشقٌ سَاد كيَاني واستوطن ذَاكرتِي .
فأنا ممتنٌ لأرضٍ صُقلت شخصيّتي على جُنباتها ، ومنَ بابِ ردّ الجمِيل تستحُق جمَيلتنا أن أتغنّى بها ولَو أن حرُوفي تعجَز عن وصف ما يكُون في الصدر من مشاعر ..
أرضٌ أصبحنَا نعشَقُ تفاصِيلها البَسِيطة ..
ونحفَظُ أزقّتها وممراتها الجمِيلة ..
ونستلذُ بالتسكّع فِي ليَاليها الفاتنة ..
كلمَاتي قد يستنكرُها الغَريب الذي تتمحور دائرة معرفته بها عَبر حَياته هو المرُور بهَا فقط ..
فهِي تعنِي الكثِير لمن عاش صبَاهُ علَى متُونها .
بيشة التي أعُجِبَ بأَثِلها لبيد بن ربيعة العامري وقال :
حُفزتُ وزايلُها التراب وكأنها
أجزَاعُ بيشة أثَلها ورضَامُها ..
بِيشة مُنبسطة الأرض ذات مُناخٍ معتدل ..
ليست بالحارة صَيفًا وليست ذات شتاءٍ بارد ..
ولكنها في وضع المطر حِكايةٌ أخرى تمامًا ..
تُصبح فِي عيُون أهلها البقعة الأجمل في الكَون !
ومن الإجحَاف في حق النفس أن لا يستمتع من يقطُن فِيها بأجوائها المُذهلة ..
ومع بداية أغسطس هلّت مزُون الفَيحاء بالخَيرَات على بيشَة ..
هطلَت تِلك السحابه لتملأ بطن وادِي بيشة ، الوادي الذِي أخَاف الُقحيف العقيلي بـ كثرة فرُوعه وسرعة تدفّق سيُوله وجريانه ، فهُو الذي من دهشته وصف وادي بيشة قائِلًا :
وسَالت من أباطِحها قشير
بمثل أتَى بيشة حِين سالوا ..
وتزَيدنُي سرُور تِلك الجملة النَابعة من الفرح :
"تهناكُم الرَحمة" ، كلمتِين تخرج من لَكنة أهل "الروشن" مهنئةً بالغَيث ، جملةٌ تطرَبُ لها الأُذن ، تَود ولو أنّك تسمعها كُل يَوم ..
بيشة فِي وضع المُطر .. مُذهلة .