تذهب الرواية الشعبية السعودية في صيف عام ١٣٧٣ هجرياً .. شخصان من جماعة واحدة .. ومضاربهما واحدة .. مدركاً ومجتمعاً .. وتذهب الرواية في أحد فيافي الصحراء قريبة من الحوميات .. وليست بعيدة عن الوديان .. تسكن بين لبتي الهضب وظلم .. نسوق الرواية السعودية الشعبية كانا شخصان أحدهما على نيته نية واحدة والآخر نقيضه .. رغما إنهما من نسيج مجتمعاً واحد .. وأصابع اليد الواحدة مختلفة .. لحكمة أرادها الخالق .. هذان الشخصان على قوة مابينهما من اوشاج الدم وروابط الرفقة والجوار .. عاشا في زمان ومكان وقبيلة أو عشيرة واحدة .. جمعت بينهما سفرة من الأسفار في طرقة من الطراقي .. عسوس في فيافي البيداء .. وماكان معهما الا راحلة - زاملة -يتعاقبونها بالركوب .. ودب بينها خلاف أثناء السير وأراد الثاني الانتقام ولكن هما في مفازة من الصحراء .. يتوجب التريث وارجاء الانتقام ريثما تتاح فرصته .. أدركهما العطش .. ومازال يشتد بهما العطش وهما في بيداء ومفازة من الفيافي لا يرا الا السراب يخادعهما من جميع الاتجاهات .. وجهدهما الظماء .. واجتمع معه الجوع ولوعته .. اشتد عليهما قسوة العطش .. وشدة الجوع.. وانعدام وجود نزولاً من العرب أو العربان حولهما .. وأثناء السير عثرا على مورد ماء - بئر أو منهل - ولم يكون معهما دلو -أحد وسائل استخراج الماء جذباً - سوى رشا أو حبل معهما ولم يكون على المنهل أو البئر دلو أو مايستخرج به الماء من المورد أو البئر سوى حبل معهما .. يعرف محلياً بالرشا أو المقط .. فتبادلا الرأي فاستقر رأيهما أن ينزل أحدهما ليشرب حتى يرتوي من الماء ثم يليه الاخر فنزل نقيض الأول وبقي نظيره ممسك بالرشا أو الحبل فلما شرب وارتوى خرج ثم نزل الاخر ولما كان بقعر جال البئر أو المورد امتعط الرشا أو الحبل امتعاطاً .. وقال لرفيقه أنا أسف .. وفشلت محاولات الترجي وتركه في قعر المنهل أو المورد أو البئر ومضى في سبيله .. فلما يئس من تجاوبه قال : هكذا تهون عليك نفساً بمقط - حبل - ما أضعف النفس ترخص في نظرها رفيق الدرب ووشاج الدم .. ويهون عليها كل منصرم من إحسان.. فلما غربت الشمس وغاب قرصها فاذا بغرابين أسودين يزيدان ظلمة قعر البئر ظلمةً وسواداً وهذان الطائران ليس من الطيور إنما من الجن أحدهما يقع على أحد شفتي أو حافتي أو جانبي البئر من الجهة الشمالية .. والآخر عكسه في الجانب الجنوبي متقابلان .. وتبادلا أطراف الحديث بينهما وذكر احدهما أن ابنة شيخ القبيلة الفلانية ذات الجمال والحسب مريضة مرض الموت فرد الاخر مرضها سحر .. وقد أعياء الاطباء والمعالجين الشعبيين معالجتها او العثور على سبب العلة .. ان سحرها مسحورة في فند الشجرة الغربية من منزل الشيخ .. غير بعيد .. ومسحورة من قبل باتره عجوز .. وكل ذلك بمسمع من بداخل قعر البئر ؟ فلما انشق ضوء النهار فاذا برعاة أبل يتزاحمون على طوفة البئر أو المورد من أجل سقيت الإبل .. وبانزال دلوهم .. أمسك به.. فلما جذب الدلو استعصى عليه الجذب .. فصاح في رفاقه مستصرخاً مساعدته في جذب دلوع ..فاستطلع من فوهة البئر أو المنهل الىغ قعر أو قاع البئر أو المورد .. واستطلع معه نظراءه .. فاذاع ممسك بالدلو جسم لم يحصوه نظراً فلما دققوا النظر وحصحصوا الرؤيه فقالوا : انت باطني ام ظاهري - جان أو انس - فقال :بل ظاهري من الانس .. ما قصتك؟ قال: إذاً اخرجتموني مما أنا فيه اخبرتكم بالقصة .. فتعاونوا الرعاة فيما بينهم على إخراجه ..مماهو فيه .. ولم يكن به اثار إصابات .. ولم يكن عليه اثار السقوط واستغربوا ..وبعد اخراجه .. و سقيا أبلهم.. تنحوا قليلاً غير بعيد عن البئر .. تحت ظل شجرة .. واسقوه من حليب إحدى النوق .. واختار حليب ناقة عفراء اللون .. وطلبوا أن يقص قصته ووقوعه بالبئر .. وبعد تنفسه واخذ قسط من الراحة .. جلس متربعاً مسند ظهر إلى جذع الشجرة .. وبدأ يسرد الواقعة .. واخذوه لمضاربهم واستضافوه ثلاثة أيام بلياليها حتى استعاد عافيته ونشاطه واستاذنهم بالرحيل .. اتجه لمضارب ذالك الشيخ المصابة ابنته .. وقد نذر الشيخ من يتوفق في علاجها يعطيه ذود من الإبل بعصاها ورعية من الغنم برعاتها وما يطلبه مما يقدر عليه .. وعرض على الشيخ خدمته في معالجتها .. فرحب بذلك مسروراً ويسأل أن يوفقه بالعلاج وبعد معاينة الحالة .. وبعد بضعة أيام ذهب لتلك العجوز باتره وأخبرها بأمرها وفضحها إن لم تخبره بموضع السحر .. ارتبكت في أولا الأمر وافصحت له في اخر المطاف .. وحددت موقع ومكان السحر من تلك الشجرة .. فاستخرجه .. وتحسنت حال الفتاة .. وأوفى الشيخ بالوعد والنذر معاً .. وأحسن رفادته ووفادته .. وأجزل له العطاء .. واستاق تلك الأموال المنقولة معه لمضارب جماعته .. وحينما نصب خدوره وخدور خدمه غير بعيد عن ابناء جلدته .. وشاهدوا جماعته ماهو فيه من ثراء ونعيم استغربوا مقارنة على مكان عليه في السابق .. واخذت تنهال عليه الدعوات بكرامته من العزائم والولائم والقهاوي .. وما يتخللها من عروض معاريض زبد واقط وصبوح في اول النهار او غبوط في اخره من قبل الميسورين اعيان ووجهاء جلدته .. وواعدهم بوليمة .. وأكرمهم بوليمة حقه من الإبل وشاتين من الغنم .. ووعدهم يوم الزينة بالمثل .. وكان من الحاضرين من تركه في غبة البئر .. فلتفت لرفيقه من تركه في غياهب البئر قائلاً: ساخبرك منفرداً سر هذ الحظ الوفير .. ثم انفرد جانباً واخبره سبب ذلك .. فما كان من رفيقه ان أطرق قليلاً من الوقت ساهب في التفكير الا ان قال ؛ صدق المثل الدارج الصدق منجاة والصبر من عزم الأمور..فقال: فلتعلم الصدق والصبر انجى وانجوين من الكذب والغدر .. ولم يفضح أمره بين الأخرين من جماعتهما .. فمنحه ناقة وبضع شويهات منيحة له ولولاده معروفاً لا يريد ان ينقطع .. فالمنيحةعادة من عادات العرب وشيمة على الموسع قدره . وهاكذا القدر والرزق يؤتيه الله لمن يشاء من عباده من صبر وصدق فضلاً وكرماً من الحنان المنان .
يؤتي الله فضله من يشاء
تذهب الرواية الشعبية السعودية في صيف عام ١٣٧٣ هجرياً .. شخصان من جماعة واحدة .. ومضاربهما واحدة .. مدركاً ومجتمعاً .. وتذهب الرواية في أحد فيافي الصحراء قريبة من الحوميات .. وليست بعيدة عن الوديان .. تسكن بين لبتي الهضب وظلم .. نسوق الرواية السعودية الشعبية كانا شخصان أحدهما على نيته نية واحدة والآخر نقيضه .. رغما إنهما من نسيج مجتمعاً واحد .. وأصابع اليد الواحدة مختلفة .. لحكمة أرادها الخالق .. هذان الشخصان على قوة مابينهما من اوشاج الدم وروابط الرفقة والجوار .. عاشا في زمان ومكان وقبيلة أو عشيرة واحدة .. جمعت بينهما سفرة من الأسفار في طرقة من الطراقي .. عسوس في فيافي البيداء .. وماكان معهما الا راحلة - زاملة -يتعاقبونها بالركوب .. ودب بينها خلاف أثناء السير وأراد الثاني الانتقام ولكن هما في مفازة من الصحراء .. يتوجب التريث وارجاء الانتقام ريثما تتاح فرصته .. أدركهما العطش .. ومازال يشتد بهما العطش وهما في بيداء ومفازة من الفيافي لا يرا الا السراب يخادعهما من جميع الاتجاهات .. وجهدهما الظماء .. واجتمع معه الجوع ولوعته .. اشتد عليهما قسوة العطش .. وشدة الجوع.. وانعدام وجود نزولاً من العرب أو العربان حولهما .. وأثناء السير عثرا على مورد ماء - بئر أو منهل - ولم يكون معهما دلو -أحد وسائل استخراج الماء جذباً - سوى رشا أو حبل معهما ولم يكون على المنهل أو البئر دلو أو مايستخرج به الماء من المورد أو البئر سوى حبل معهما .. يعرف محلياً بالرشا أو المقط .. فتبادلا الرأي فاستقر رأيهما أن ينزل أحدهما ليشرب حتى يرتوي من الماء ثم يليه الاخر فنزل نقيض الأول وبقي نظيره ممسك بالرشا أو الحبل فلما شرب وارتوى خرج ثم نزل الاخر ولما كان بقعر جال البئر أو المورد امتعط الرشا أو الحبل امتعاطاً .. وقال لرفيقه أنا أسف .. وفشلت محاولات الترجي وتركه في قعر المنهل أو المورد أو البئر ومضى في سبيله .. فلما يئس من تجاوبه قال : هكذا تهون عليك نفساً بمقط - حبل - ما أضعف النفس ترخص في نظرها رفيق الدرب ووشاج الدم .. ويهون عليها كل منصرم من إحسان.. فلما غربت الشمس وغاب قرصها فاذا بغرابين أسودين يزيدان ظلمة قعر البئر ظلمةً وسواداً وهذان الطائران ليس من الطيور إنما من الجن أحدهما يقع على أحد شفتي أو حافتي أو جانبي البئر من الجهة الشمالية .. والآخر عكسه في الجانب الجنوبي متقابلان .. وتبادلا أطراف الحديث بينهما وذكر احدهما أن ابنة شيخ القبيلة الفلانية ذات الجمال والحسب مريضة مرض الموت فرد الاخر مرضها سحر .. وقد أعياء الاطباء والمعالجين الشعبيين معالجتها او العثور على سبب العلة .. ان سحرها مسحورة في فند الشجرة الغربية من منزل الشيخ .. غير بعيد .. ومسحورة من قبل باتره عجوز .. وكل ذلك بمسمع من بداخل قعر البئر ؟ فلما انشق ضوء النهار فاذا برعاة أبل يتزاحمون على طوفة البئر أو المورد من أجل سقيت الإبل .. وبانزال دلوهم .. أمسك به.. فلما جذب الدلو استعصى عليه الجذب .. فصاح في رفاقه مستصرخاً مساعدته في جذب دلوع ..فاستطلع من فوهة البئر أو المنهل الىغ قعر أو قاع البئر أو المورد .. واستطلع معه نظراءه .. فاذاع ممسك بالدلو جسم لم يحصوه نظراً فلما دققوا النظر وحصحصوا الرؤيه فقالوا : انت باطني ام ظاهري - جان أو انس - فقال :بل ظاهري من الانس .. ما قصتك؟ قال: إذاً اخرجتموني مما أنا فيه اخبرتكم بالقصة .. فتعاونوا الرعاة فيما بينهم على إخراجه ..مماهو فيه .. ولم يكن به اثار إصابات .. ولم يكن عليه اثار السقوط واستغربوا ..وبعد اخراجه .. و سقيا أبلهم.. تنحوا قليلاً غير بعيد عن البئر .. تحت ظل شجرة .. واسقوه من حليب إحدى النوق .. واختار حليب ناقة عفراء اللون .. وطلبوا أن يقص قصته ووقوعه بالبئر .. وبعد تنفسه واخذ قسط من الراحة .. جلس متربعاً مسند ظهر إلى جذع الشجرة .. وبدأ يسرد الواقعة .. واخذوه لمضاربهم واستضافوه ثلاثة أيام بلياليها حتى استعاد عافيته ونشاطه واستاذنهم بالرحيل .. اتجه لمضارب ذالك الشيخ المصابة ابنته .. وقد نذر الشيخ من يتوفق في علاجها يعطيه ذود من الإبل بعصاها ورعية من الغنم برعاتها وما يطلبه مما يقدر عليه .. وعرض على الشيخ خدمته في معالجتها .. فرحب بذلك مسروراً ويسأل أن يوفقه بالعلاج وبعد معاينة الحالة .. وبعد بضعة أيام ذهب لتلك العجوز باتره وأخبرها بأمرها وفضحها إن لم تخبره بموضع السحر .. ارتبكت في أولا الأمر وافصحت له في اخر المطاف .. وحددت موقع ومكان السحر من تلك الشجرة .. فاستخرجه .. وتحسنت حال الفتاة .. وأوفى الشيخ بالوعد والنذر معاً .. وأحسن رفادته ووفادته .. وأجزل له العطاء .. واستاق تلك الأموال المنقولة معه لمضارب جماعته .. وحينما نصب خدوره وخدور خدمه غير بعيد عن ابناء جلدته .. وشاهدوا جماعته ماهو فيه من ثراء ونعيم استغربوا مقارنة على مكان عليه في السابق .. واخذت تنهال عليه الدعوات بكرامته من العزائم والولائم والقهاوي .. وما يتخللها من عروض معاريض زبد واقط وصبوح في اول النهار او غبوط في اخره من قبل الميسورين اعيان ووجهاء جلدته .. وواعدهم بوليمة .. وأكرمهم بوليمة حقه من الإبل وشاتين من الغنم .. ووعدهم يوم الزينة بالمثل .. وكان من الحاضرين من تركه في غبة البئر .. فلتفت لرفيقه من تركه في غياهب البئر قائلاً: ساخبرك منفرداً سر هذ الحظ الوفير .. ثم انفرد جانباً واخبره سبب ذلك .. فما كان من رفيقه ان أطرق قليلاً من الوقت ساهب في التفكير الا ان قال ؛ صدق المثل الدارج الصدق منجاة والصبر من عزم الأمور..فقال: فلتعلم الصدق والصبر انجى وانجوين من الكذب والغدر .. ولم يفضح أمره بين الأخرين من جماعتهما .. فمنحه ناقة وبضع شويهات منيحة له ولولاده معروفاً لا يريد ان ينقطع .. فالمنيحةعادة من عادات العرب وشيمة على الموسع قدره . وهاكذا القدر والرزق يؤتيه الله لمن يشاء من عباده من صبر وصدق فضلاً وكرماً من الحنان المنان .
Permanent link to this article: https://alwajiha.org/articles/67341