لا حدس فيه . استهل شهر رجب ، فيه الإسراء والمعراج لنبينا عليه أفضل الصلاة والسلام ، وفي هذا الشهر . صلى نبينا صلى الله عليه وسلم ، وصلى بالأنبياء ، وأمهم بالمقدس ، وفيه عرج به إلى السموات السبع عند سدرة المنتهى ، وفيه فرضت الصلاة المكتوبة في السماء السابعة ، وهو أحد الأشهر الحرم ، وأحد الشهور العربية الإسلامية الهجرية القمرية . لا شك في ذلك . رجب يعني التعظيم والحرمة يخصونه العرب في جاهليتهم بهذه التسمية ، ويحرمون الاقتتال فيه . شهر سلم وأمن ، وهو الشهر السابع لسنة الهجرية . عدد أيامه مختلف فيها بين طوائف المسلمين عند الصوفيه والأباضيه والشيعة ثلاثون يوماً . لا نقص فيه ، بخلاف السنة حسب استهلال مولد شهر شعبان قد يكون رجب ٢٩ يوماً ناقصاً عن كماله ، ووفق القاعدة ” الكمال مستحيل ، والنقص مؤكد في سائر المخلوقات ، والكمال لله ” . لا كمال إلا لله ، فالعبرة برؤية الهلال بالعين المجردة .
رجب يوافق شهرين من شهور الميلاد الفرنجية ” يناير وفبراير ” ، وينعت عند العرب بالجاهلية بالأصم . عدم سماع قعقعة السلاح فيه ، وتعطيل الحرب ، وسمي رجباً تترجب الملائكة فيه بالتسبيح والتحميد ، ومن قبائل العرب المضرية بالجاهلية تعظيمه واحترامه ، وسمي رجب مضر رجباً . ينعت رجب بأربعة عشر نعتاً ، ويزيد قليلاً ( رجب مضر – منصل الأسنة- الأصم – الأصب – منفس – مطهر – معلي – مقيم – ومقشقش – مبرئ – فرد – فزاد – منزع الأسنة).
اتفق الفقهاء والعلماء تقاطعاً ، وتحقيقاً أولهم عن أخرهم ليس له ميزة عن سواه من ألأشهر الحرم ، ولا يخص بعبادة معينة لا عمرة ، ولا صيام ، ولا زيارة ، ولا صلاة ، ولا قراءة قرآن بل هو كغيره من الأشهر الحرم ، وكل ما ورد فيه من الاحاديث ضعيفة مرسلة لا يبنى عليها حكم شرعي ، ولا يخصص بعبادة . هو شهر كريم عظيم من الأشهر الحرم عند الله . يستحب فيها الإكثار من الطاعات والأفعال المتعدية كالصدقة والزكاة ، والتقرب لله بالعبادات الصالحة والذكر ، والبعد عن الفواحش والمنكرات ، وترك الظلم والموبقات ، والاجتهاد بالطاعات ، وما يقرب من الله ، والابتعاد عن المعاصي ، ويحسن فيه الإكثار من الكلمات العشر الطيبات ( سبحان الله ، والحمدلله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ) وتنعت هذه الكلمات باجماع أهل العلم والشرع ” بالباقيات الصالحات ” فضلاً الدعاء والمناجاة فيه أكد ، والابتعاد عن المظاهر والتجمعات والاختلاط والأهازيج والموشحات والرقص والهزهزه والتمايل وغيرها من المحظورات الشريعة .
ما يعرف بالركب المكي المتعارف عليه بالرجبية من المظاهر الاجتماعية بين القبول والرفض مظاهر غيرمقبوله ، وصورتها على نحو مايلي :
مثل هذه الأيام من شهر رجب . جرت العادة عند احياء مكة المكرمة . تستعد الأسر المكية لزيارة المدينة المنورة عادة لا عبادة ، وهو ما يعرف (بالزيارة الرجبية) إلى جانب هذا هناك حدث كبير يعرف ب( الركب المكي) ، وهو يخرج من كل حي ثلة من الرجال تحت إشراف ومسؤولية (عمدة الحي) ،
هذا الشغل الشاغل لكثير من أهالي أحياء مكة المكرمة . يتم تجهيز الدواب (الحمير) من تغذيتها وشراء أجمل السرج و الحبال الملونة التي تزين تلك الدواب والدناديش بأفضل الحلل ، كما يتم عمل (الحناءللدواب) لإبراز مواهبهم أمام بقية تلك الاحياء ، وهناك أشخاص معروفين بتزيين ( الحمير) يعرفون بلعير .
إشتهر حي (الشبيكة) بالأفضلية ، والتنظيم ، والإنضباط ، وجمال الركب .
إنطلاق الركب في أول جمعة من شهر رجب تنطلق قوافل الدواب وتمر من الممر الوحيد في ذلك الوقت : حي (جرول) وطوى تحت قيادة عمدة كل (حي) ، مصطحبين المزمار ، وهم يرددون أحلى الأهازيج المكيه ، ويستمتع أهالي مكة المكرمة بتلك المناظر الجميله الخلابه ، والجذابة ، والأصوات الندية ، وهم يودعون تلك الثلة ، وللركب شيخ . تقاليد سنوي قديمة بمكة ، وموروث من السلف . موكب ينطلق بالراغبين زيارة المسجد النبوي على الدواب المزينة والمرنقشة . يصاحبها الحداء والمزمار ، والتى يكون تجمعها في وادي فاطمة حيز (الجموم) جنوب شرق الوادي عند طعس بلعير تتجمجم بها العيرة ( الحمير ) بجوار عين مغيضة تحيطها طعوس بن رزين ، والبرة والراجحي ، ومزارع الصيرفي ، وعين الشريعة تبعد عن مكة ٢٠ كيلاً ، ويسبق الركب الطهاة لتلك المواقع المشار إليها سالفاً ، وتستريح بعين الزعفراني طعوس بلعير ، والمسرى بعد منتصف الليل . للركب برتوكول إستقبال بالمدينة المنورة ، وكذلك العودة بمكة المكرمة .
يبداء كل حي بلعب (المزمار) والأناشيد المكية والصهبه الحجازية إلى وقت متأخر من الليل ، وفي الصباح الباكر يودع كل عمدة أهل (الحي) المتجهون للمدينة المنورة ،
وتستغرق الرحلة عادة (١٢) يوماً ؛ ويكون التجمع في (أبيار علي)
وتبدأ مراسم دخول المدينة المنورة بتقدم الركب كبار السن ، والشخصيات المؤثرة ، وتنطلق الأهازيج والمدائح النبويه نحو( باب السلام) . ما يسمى بالتزهيد الذي كان يصاحب الركب وبالذات في بدايته ونهايته ، رحلة الركب . لم تعد تذكر في الوقت الرهن . إضمحلت شيئاً فشيئاً بفضل الدولة وجهودها الموفقة لما يصاحبها من محاذير شرعية أنما حالات نادرة ، وفردية . استبدلت المركبات بدلاً من الحمير .
الحمدلله على ماتبذله الدولة من قطع دابر ما يصددم بالشرع ، ويتضارب بالعقيدة . دام عزك ياوطن ، ودامت قيادتك ، وعاشت رموزك .
نرحب بكم فى صحيفة الواجهة الإلكترونية
15/01/2024 12:43 ص
رجب والركب المكي
بقلم ـ خالد بن حسن الرويس
بقلم ـ خالد بن حسن الرويس
Permanent link to this article: https://alwajiha.org/182880