![صحيفة الواجهة صحيفة الواجهة](http://alwajiha.org/wp-content/uploads/2020/08/الواجهة-2.jpg)
صمخ منطقة تاريخية احتضنت قراها وأوديتها وجبالها وسهولها الكثير من الحضارات القديمة والتي تعاقبت على هذا المكان، فخطت تاريخها على جباله الشامخة بكتابات ونقوش أثرية بخطوط ولغات في عصور وأحقاب متفاوتة، ومنازل الطين والحجر والتي ما زالت شامخة جوار النخيل. ولأنها بنيت على سفوح الجبال فقد ساعد على وقوفها وصمودها أمام العوامل الطبيعية والمناخية لسنوات طويلة يشاهدها الأبناء اليوم فيذكرون بفخر ما كان يتمتع به الآباء والأجداد من مواهب فذة وعزائم قوية يفتقدها أبناء الجيل الحالي.
الموقع والحدود:
يقع مركز صمخ على وادي هرجاب أحد أودية المنطقة الجنوبية الشهيرة ذاك الوادي الذي قال فيه الشعر الجاهلي: ألا إن خير الناس رسلا ونجدة بهرجاب لم تحبس عليه الركائب.
ويقع مركز صمخ في الجزء الجنوبي الغربي للمملكة، في الجهة الشرقية من جبال السروات، وتتبع إداريا لمحافظة بيشة، بمنطقة عسير، وتشترك في الحدود الإدارية مع تثليث شرقا والنماص وبنو عمرو والحازمي غربا وبيشة شمالا وخيبر الجنوب جنوبا، وافتتحت بصمخ أول إمارة تابعة لإمارة بيشة عام 1373هـ ، كما افتتحت أول مدرسة ابتدائية عام 1377هـ ، ويشتهر مركز صمخ بزراعة النخيل على ضفاف وادي هرجاب، الذي يعد واحدا من أهم روافد وادي بيشة، وقد ذكر في مواضع عدة من كتب العرب ويشتهر بكثرة أشجار السدر، وينحدر هذا الوادي من أعالي بادية الحزم والصفحة جنوب غرب مركز خيبر الجنوب ويصب في وادي بيشة قريبا من قرية الحيفة شمالا بمسافة بطول 160 كم. ويمثل وادي هرجاب مصدرا هاما للمياه الجوفية في صمخ، حيث يعتمد عليه الأهالي كثيرا في توفير المياه لمزارعهم التي تصطف على جانبي هذا الوادي، كما يعتمد عليه أهل البادية لسقيا مواشيهم.
الآثار التاريخية:
يوجد في صمخ الكثير من الآثار والنقوش والتي تنتشر في جبالها مثل جبل الظور الذي يقع جنوب شرق قرية كتنة وفيه نقوش ورسومات، كما توجد به آثار لقرية قديمة مبنية من الحجر والطين وعدد من القلاع القديمة على قمم الجبال، ونقوش وكتابات بدون نقاط من العصور الأولى من الإسلام في موقع يسمى (خشم الطايق) في قرية المعدن، إضافة لعدد من البيوت القديمة والقصور الشامخة مثل قصور (آل حماد) وهي مبنية بتصميم هندسي رائع من الحجر والطين والجذوع وجريد النخيل، وقرية المحدد القديمة المبنية من الحجر وما زالت آثارها باقية حتى اليوم في قرية الخضراء ، ومسجد عمره 400 سنة وأثر المدرسة القديمة وهي عبارة عن غرفة من الحجر عمرها قرابة 200 عام في قرية القاع، ومسجد (جامع) من عهد الملك عبدالعزيز، يرحمه الله، في قرية الحفيرة.
بنات حرب
نقل الهمداني من أرجوزة الرداعي التي وصف فيها طريق اليمن إلى مكة.
تؤم هرجاب بسير معجل ……….إلى بنات حرب لم تعدل
وبنات حرب لم تعد معروفه بهذا الاسم ولكن من وصفها فهي جبال حمر في وادي كتنة غرب صمخ، وهناك مواضع تقع بالقرب من بنات حرب مثل شعب صنان، ويسمى لحيي جمل ، والربضات موضع بين جبال به رضائم عظام كالآطام الكبار، وهي من صخر مرتضم بعضه على بعض، وبها سمي الموضع، وهي مذعرة للإبل، ويمثل بغول الربضات .
وبنات حرب وردة في كتاب صفة العرب في قصيدة الحاج اليماني حيث قال:
للرّبضات غير ما مرتاب … إلى صنان الوعث ذي النكاب
إلى بنات حرب فاجتابي … لمنهل في الشعب ذي الشعاب
ثم اصدري منه إلى هرجاب … لابني ددٍ فجلجل الأحزاب
قرى صمخ التاريخية:
يتبع صمخ العديد من القرى القديمة والتي شهدت العديد من الأحداث التاريخية وهي:
المعدن: هي قرية على ضفاف وادي هرجاب وبها الكثير من الأطلال والنقوش الصخرية والمناجم وسميت هذه القرية الأثرية بالمعدن لكثرة المناجم القديمة بها ووجود آثار للمعادن فيها ونقوش وكتابات وبقايا قرية قديمة ومقابر جماعية. وكان المعدن أوّل موقع حضريأُستوطن في وادي هرجاب ونقطة تموين للجيش السعودي في مسيره لضمّ عسير. كما أنّه تعرّض لفترات سابقة لحرق نخيله على يد قوّات محمّد علي باشا في نهاية الدولة السعوديّة الأولى.
الخضراء: سميت بهذا الاسم لأن واديها كان إلى عهد قريب كثير المياه فازدانت المزارع باخضرار النخيل والمزروعات الأخرى، وشهد واديها جريان المياه بصفة دائمة إلى عهد قريب وهذا ما أهل تلك القرية لاستقطاب السكان منذ زمن بعيد فأقاموا بيوت الطين والحجر والتي لا زالت شامخة بجوار النخيل وعلى سفوح الجبال وهناك بيوت متعددة الأدوار بنيت بعناية وأدخلت بعض الحجارة ومواد أخرى بجانب الطين مما ساعدها للوقوف والصمود أمام العوامل الطبيعية والمناخية لسنوات طويلة.
القاع: تتميز قرية القاع بمنازلها ومساجدها ومقابرها الأثرية ومبانيها التاريخية المبنية من الحجر والطين، والمسقوفة بجذوع وجريد النخيل، وما زالت تقف صامدة أمام العوامل المناخية والزمن.ويصب في القاع إضافة لهرجاب أودية ملحة وخرص وشواحط والقاع مجتمعة في مضيق بين هضاب لونها أحمر.
كتنة هرجاب : وهي أرض مشهورة في كتب العرب قال الرداعي في أرجوزة الحج :
سيري إلى كتنة سير الجدِّ….قصداً وليس الجور مثل القصد
أمّي مع الوفد طريق الوفد ….. أمِّي إلى ماء رواء الورد
حيث بريد الصّخرة الصَّلخد ….. يا كتن ذات الرُّجمات الجرد
أسقيت تسجام السحاب الرُّمد ….. من كل ثجَّاج هزيم الرعد
دار بها حيَّا ندى ومجد ….. شهران أخوالى وحيُّ الأزد
قرية الحفيرة: وهي من أكبر قرى المركز، اهداء الملك عبدالعزيز يرحمه الله سارية علم المملكة العربية السعودية إلى أهالي القرية، ويوجد في القرية أماكن أثرية.
موارد المياه الهلالية
في صمخ موارد مياه هلالية من عهد قبائل بني هلال ومن أبرزها:
بئر الحفاير: بئر قديمة تقع على وادي هرجاب أقامت عليها وزارة المياه مشروع السقيا.
بئر ابن سرار: بئر قديمة وعميقة جدا مطوية بالحجارة تقع على وادي تلاع، تقع على مسار طريق الحج وحولها أكوام حجرية متناثرة.
بئر دنـن: بئر قديمة وعميقة جدا مطوية بالحجارة تقع على وادي هرجاب وهذه البئر أقامت عليها وزارة المياه مشروع لسقيا المواطنين عن طريق الوايتات وبالقرب منها مشروع مياه وزارة الدفاع.
بئر عليان: بئر قديمة مطوية بالحجارة تقع على وادي هرجاب جنوب قرية المعدن وهي أهم مناهل البادية قديما. وهناك بئر كراث وخرصة وخرمة والحماطة وعشيرة وأبو ركبة وهناك من يقول بأن بعض هذه الآبار قد حفرها الأتراك عند مرورهم بالمنطقة.
بئر أبو جنيّة: في أعلى وادي هرجاب على الطريق الترابي القديم.لازالت شواهد البئر التي يتزود من ماءها المسافر وحجرات يريح نفسه من وعثاء السفر شاهدة على حقبة تاريخيّة من الزمن المنسيّ.
الأسواق الشعبية
يتميز مركز صمخ بموقعه الجغرافي حيث تحيط به محافظات بيشة وخميس مشيط وتثليث والنماص مما منحه أهمية تجارية، وتقامفيه الأسواق الشعبية التي كانت لها حركة دائبة ونشاط تجاري قوي يتبادل فيها الأهالي من الحضر والبادية بضائعهم ومنتجاتهم مع مرتادي الأسواق من المحافظات المجاورة. ويعتبر سوق الاثنين الأسبوعي أقدم الأسواق بالإضافة إلى أسواق أيام الخميس والجمعة والسبت والأربعاء من كل أسبوع.
المرافق الحكومية:
حظي مركز صمخ بالعديد من المراكز الخدمية والمشاريع التنموية وبدعم من حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وولي عهده الأمين ومتابعة وحرص من صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير في الرفع من مستوى الخدمات في جميع المجالات.
تطلعات الأهالي:
يتطلع أهالي مركز صمخ إلى رفعه إلى محافظة ودعمه بالعديد من المشاريع التنموية والخدمات مثل مكتب للاتصالات السعودية ومكتب اشتراكات وطوارئ للكهرباء ومستشفى عام وبنك مصرفي،بالإضافة إلى طموح شبابه في إنشاء نادي رياضي.
وأوضح الكاتب الاستاذ محمد الحويل أن صمخ كأول إمارة تابعة لإمارة بيشة في السبعينات الهجريّة ومع تقادم عمرها وموقعها المتوسّط لكثير من القرى والأرياف إلاّ أنّها تحتاج لبعض من المراكز الخدميّة ومنها فتح مكتب الطوارئ لمحطة الكهرباء والذي أغلق وتمت مخاطبة الشركة ووعدت بإعادة المكتب إلاّ أنه لم يرى النور حتى الآن وكثيرا ماكان العطل يأخذ وقتا طويلا لإعادة التيار نظرا لبعدها عن محطة بيشة، ويفتقر المركز لفرع بنك ومكائن الصراف الآلي، وإنشاء نادي رياضي يلمّ شتات الشباب، ورفع مستوى المركز إلى محافظة.